بقلم : ماء العينين بوية - كاتب مغربي
ظل الجيران يهابون صاحبهم الجنوبي، فسطوة يعقوب المنصورالسعدي و انتصاراته و ذهبه و تبادل رسائل مع الانجليز و قوة السلطان مولاي اسماعيل و جيشه و سفارته لفرساي و سلطنة تمتد على البر و البحر، تهاوت مع مناوشات معركة ايسلي، فتقدم الاسبان و من بعد الفرنسيس، هكذا درسنا بعضا من تاريخنا، قوة مولاي اسماعيل حفظت المغرب لعقود، و ظلت الدولة و الجيش بصورة القوة المهابة، رغم أن الضعف يأكل منسأتها، هكذا لربما أخرت صورة البلاد القوية الغرب من القدوم نحو المغرب الأقصى غزوا، حتى قرر مولاي سليمان دعم المقاومة الجزائرية فنبش ضعفه وكشف عورته.
الصورة المثالية لشراسة البيشمركة اهتزت مع تسارع تقدم القوات العراقية و دخولها كركوك و بلوغها المنافذ مع الجارتين، كيف انتهى الحال بإقليم و بقوات حازت منذ حرب الخليج الثانية نوعا من الاستقلالية و النأي عن أزمات بغداد و ضربات الإرهاب، وعاش الاقليم و تمتع بخصوصية مكنته من النهوض اقتصاديا و اجتماعيا و امنيا مقارنة مع باقي العراق الذي عاش الحرب الأهلية و التفجيرات الارهابية و اللاستقرار، بل و كيف لقوات بسطت نفوذها سريعا على كركوك و قارعت و طردت داعش في حين تهاوت القوات العراقية و انسحب عن سلاحها و عن مدينة كالموصل، أن تسقط بهذه الدرجة، و يتردى معها الحلم و الدولة، و يختم البارزاني خاتمته بكارثة، حتى بات رئيس العبادي يقول بأن على الإقليم أن ينزوي شيئا ما عن ماكان عليه من امتيازات من رئاسة و حكم ذاتي و شأن كشأن الدول؟
غريب هذا الاستسلام، أو هذا التسليم، غريب بمنطق المخيال المرسوم عن مقاتلين عرفهم التاريخ بجلدهم و إقدامهم و شراستهم و بطولاتهم، فلوصف كل قبيل بشراسة أو قوة يكفي أن تنعته بإحدى الطائفتين كرد أو بيشمركة!!
ظلم التاريخ قومية تريد حقها في الوجود، و ليس العراق وحده من ظلم الطائفة، فقوة الجارتين و أخرى دولية و مصالحهن المشتركة تعطي تفسيرا لتراجع أربيل، علاوة على الصراع الحزبي و شرعية الديكاتورية الثورية، و فساد الساسة و سلطة العئلات و احتكارها لمشهد عقودا من الزمن، حصار اقتصادي عزل الاقليم وتوافق دولي مرحلي أذعنت له أربيل، نكسة بطعم الغصة،ستكون لها ارتدادات داخلية، خاصة من القوى الشبابية،بالمقابل تمكن العبادي من إنجاز نصر يرفع رصيده، و يعيد الثقة لزعامات بغداد، التي و منذ صدام لم تشكر و لم تحمد، و لطالما نعتت بالضعف و التبعية.